عن الخوف عند الأطفال (2 من 2)
هل الخوف مكتسب أم فطرى؟
- هل هناك مظاهر جسدية للخوف؟
كلنا نعرف أنه فى مواقف الخوف نتصبب عرقا، وتشرع ضربات القلب، ويقف شعر الرأس، وهذا ما يراه الطفل أحيانا فى أفلام الكارتون (على فكرة أفلام توم وجيرى مثلا من أحسن الأفلام التى تعود الطفل على مواجهة الخوف والضحك منه).
– هل الخوف مكتسب أم فطرى؟
الخوف غريزة فطرية، وظيفتها أن تحمى الكائن الحى من الخطر لأنها دافع إلى الكر والفر، ومعنى ذلك أن الخوف فطرى من حيث هو دافع، أما ما هو مكتسب فهو شكل الخوف وتحديد مصدره، فلا شك أن ساكن المدن الذى يخاف من حوادث الطريق غير ساكن الريف الذى يخاف من النداهة، وأيضا قارئ الصحف الذى يخاف ثقب الأوزون، غير السائر بجوار حقول الذرة الذى يخاف من المجهول المخبأ فيه.
– تأثير خوف الكبار على الاطفال؟
فى كثير من الأحيان يكون الخوف فعلا هو خوف الكبار وليس الصغار، فمثلا الطفل لا يخاف من الظلام، ولكن الكبيريخاف مما يخبئه الظلام، وينقل هذا الخوف للطفل فيبدأ الطفل بالخوف من الظلام، ومثال آخر فالأم قد تخاف من الفأر فى حين أن الطفل يحب الفأر وخاصة وقد تعرف عليه من خلال ميكى ماوس، ولكن سرعان ما ينتقل خوف الأم إلى الطفل وهكذا.
– دور التربية واثرها فى خوف الطفل؟
لابد أن نعترف بحق الطفل فى الخوف، كما لا بد أن نطلق خيال الأطفال دون وصاية سواء كان هذا الخيال للتعبير عن الخوف أو عن الأمل أو عن تأليف مدن خرافية أو كائنات لا وجود لها، وبعد ذلك نضبط جرعة الخوف بما يناسب السن واختراق حواجز الخطر.
أما إلغاء الخوف وتشويه كيان الطفل برسم صورة من عالم آمن لا مفاجآت فيه، عالم من النصائح والواقع الممسوخ فهذا أمر يحول دون تلقائية النمو وثراء الخيال اللازمين للتربية الصحيحة.
– تفسير حالة الخوف من الأب؟ واللجوء دائما إلى الأم فى حالة الخوف.
أظن أنه علينا أن نراجع هذا الرأى، لأنه ليس دائما صوابا، فالطفل يخاف من السلطة، وبالتالى فهو قد يخاف من الأم إذا كانت هى صاحبة السلطة، ولا عيب فى ذلك على شرط أن يكون دور كل منهما واضحا طول الوقت، بمعنى أن يكمل الأب دور الأم وتكمل الأم دور الأب، أو كما يقول المثل العامى “واحد يضرب والتانى يلاقى”، والمثل لا يقصد هنا الضرب تحديدا، وإنما يقصد أن “واحد يشد والتانى يرخى” فيتحرك الطفل فى ظل أمان الأم – مثلا- واحترام حزم الأب فى نفس الوقت.
– الخوف من المدرس؟ والضرب فى المدارس هل هو صحى ام مرض؟
الخوف من المدرسة أمر طبيعى، لا يوجد أى مبرر للكذب على الأطفال بأغانى مثل “مدرستى يا محلاها أهواها وأدوب فى هواها” لأن هذا جانب واحد من العلاقة بالمدرسة، لكن ثمة جانب آخر يقول: “جه أستاذ الحصة الخامسة أستاذ هندسة وحساب، قاللى اضرب لى ستة ف خمسة ولا اتفضل بره الباب”
ثم تكمل الأغنية بسخرية لطيفة تقول
قلت يابيه أضرب مين فيهم دول تلاتين ماقدرش عليهم..إلخ
وأنا مازلت أذكر هذه الأغنية، التى أعتقد أن ثمة أغنية مماثلة لشادية وفاتن حمامة.
كذلك أذكر السماح لنا بلعن يوم السبت “..يا برميل النفط يا يوم السبت على الصبيان”
كما أذكر أغانى أولادى الفرنسية وهم يستقبلون الأجازة ويودعون أيام الدراسة هاتفين أنه “تحيا الأجازة، وسنلقى بالكرايس فى النار والكتب وسط الراكية”… وكل هذا تعبير جيد عن جذور رفض قيود المدرسة وبعض الخوف منها. إذن فالخوف من المدرسة لا يعنى رفض الدراسة وإنما يعنى جدية العلاقة والخوف من المدرس لا يعنى كره المدرس وإنما يعنى عمل حسابه
(ثم وجدت الرد الأول فتوقفت عن الإجابة الثانية).
الرد الأول (الذى كان مفقودا).
- والتخويف من حجرة الفئران؟
هذا أمر سئ من حيث المبدأ، أولا لأنه كذب، ثانيا لأن الطفل لا يخاف الفأر وإنما الكبير هو الذى يخاف الفأر، وفأر الميكى ماوس مثلا هو فأر ذكى ظريف وصديق لكل الأطفال، فلماذا هذا التشوية المعمد والكذب غير الذكى؟
– الحكايات الخرافيه والعفاريت واثرها على نفسية الطفل وخوفه؟
أعتقد أن القصص الخرافية والمخيفة ليست دائما ضارة، لأنها قد تعتبر مسقطا لمخاوف الأطفال بدلا من إنكار حق الخوف عليهم على طول الخط. وأبو رجل مسلوخة، وأبو عباية سودة، والنداهة كلها كائنات حقيقية تكمن فى داخل الشعور الجمعي، وبالتالى هى موجودة داخل الأطفال، فإذا حكينا لهم حكايات أسقطوا عليها ما بداخلهم فإنها تصبح أقرب إلى التناول والسيطرة عن أن نحكى لهم حكايات مسطحة تدعى البراءة وتسطح عقولهم، وبألفاظ أخرى فالمطلوب هو أن نحترم حق الخوف ومحتوى اللاشعور عند الطفل، ثم نسمح له بالتعبير أو بالإسقاط على ما يشبهه من خيال أو حتى ما يسمى خرافة، ثم بعد ذلك ننتصر عليه ونستوعبه، وهذا يتيح النمو طبيعيا كما خلقنا الله، لا زائفا كما نتصور طبيعتنا.
- تفسير الخوف من لا شئ وتخيل أشياء غير موجودة؟
سأقسم الإجابة إلى جزئين “الخوف من لا شئ” أولا، وهو ما يسمى أحيانا فى الطب النفسى” القلق”..وهو نوع من الخوف المبهم من المجهول، وهذا النوع إما يتعلق بالمستقبل، ولا شك أن كل واحد فينا كبيرا وصغيرا يخاف المستقبل، الذى هو مجهول بالضرورة، ثم إن الخوف من لا شئ هو خوف من ما نحمله داخل أنفسنا ولا نعرف عنه شيئا، أو ما يسمى اللاشعور، وبالتالى فإن الخوف من لا شئ غير موجود، والتعبير الأدق هو الخوف من شئ لا نعلمه، ولا نعرف معالمه رغم يقين ما بوجوده.
والجزء الثانى هو ما يترتب على هذا التجهيل من تجسيد إسقاطى لمسألة الخوف من المجهول، فنحن ننسج من خيالنا ما يخيف لأنه أهون من أن نخاف من لا شئ، وكما يقول المثل إللى تعرفه أحسن من اللى ما تعرفوش، فإننا يمكن أن نقول إن الذى تحسده وتخاف منه أحسن من الذى تخاف منه دون أن تتبين معالمه، وهذا بعض تفسير ما يسمى الهلوسة، وهى تجسيد مخاوف لا وجود لها فى شكل أشكال تدرك بالحواس، وهذا قريب بعض الشئ من المثل الآخر الذى يقول: اللى يخاف من العفريت يطلع له.
******
كيف تساعدك مؤسسة الرخاوى؟
توفر مؤسسة الرخاوى بعض الورش العلاجية لتطوير وتنمية مهارات الطفل وتحسين الوظائف المعرفية والمهارات الحركية الدقيقة والمهارات الحركية والمهارات الاجتماعية من خلال مركز دايماً أصحاب التى تٌقدم للأسرة لتطوير سمات شخصية الطفل