شباب مصر إلى أين (1)
محاكاة شباب مصر لشباب أوروبا، وممارستهم عملية التقليد الأعمى
– متى بدأ هذا التقليد؟
- لا أحسب أن شبابنا يقلد شباب أوروبا أساسا، بل ما أراه أن شبابنا يقلد والسلام، فهو إما أن يقلد الغرب، وإما أن يقلد السلف، وإما أن يقلد اللاشيء، المهم أن يقلد والسلام، فالسؤال “متى” ينبغى أن يسبقه سؤال: ماذا يقلد، ومن يقلد، وأيضا لماذا يقلد؟
– لماذا قلد شبابنا شباب أوروبا وتخلى عن هويته العربية وعن قوميته؟
إننى أرى أن الاستعمار مسئول بشكل أو بآخر، ليس فقط مسئول عن تقليدنا لأوروبا، بل مسئول عن تقليدنا للسلف أيضا، ولا أقول تقليدا أعمى وإنما أقول تقليدا سلبيا، فلو أننا أخذنا الصفقة على بعضها لكان الأمر مقبولا أو مبلوعا بعض الشيء، إلا أن الله امتحننا بأن جعلنا نتجرع السلبيات دون الإيجابيات.
فنحن نقلد الملبس الأوروبى ولا نقلد الالتزام الأوربى بالعمل، ونحن نقلد التحلل الأوروبى، ولا نقلد الحرية واحترام حقوق الآخر كما يمارسه فى أوربا الشباب والشيوخ على السواء.
وعلى الجانب الآخر:نحن نقلد ملبس السلف، ومظهر سلوكهم، ولا نقلد إبداعهم وشجاعتهم وفروسيتهم وإتقانهم وجهادهم سرا وعلانية.
فالقضية هى قضية الاستسهال، وانتقاء السلبى من مظهر الآخرين، أو من ملفات التاريخ، وهات يا محاكاة.
وكأن شبابنا بذلك قد أعفى نفسه من مخاطرالإبداع، وفى نفس الوقت قد حرم نفسه من شرف الحياة الإنسانية المتجددة.
والاستعمار حين ينجح فى أن يقسمنا إلى مقلدين متفرنجين، ومقلدين متعصبين يكون قد ألغانا تماما فلا يعود يخشى شيئا، لأنه لا يخشى إلا الند المبدع، ونحن بارتمائنا فى أحضان التقليد تنازلنا عن الندية والمنافسة فى ركب الحضارة.