رمضان بين الامتناع والإبداع
ما معنى الامتناع عن سلوك حسبت أنك لا تستطيع أن تمتنع عنه، لماذا نفعل ذلك أحيانا، فرادى بإرادتنا، أو دوريا جماعة معا؟ صام: أمسك عن الشىء، وصام: سكن، أن تمسك عن ما اعتدت أن تقوم به أو تتعاطاه، فأنت صائم، وأن تسكن بعد حركة فأنت صائم (تستعد للحركة القادمة)، بهذا وذاك أنت كائن حى تمارس الإيقاع الحيوى الذى هو قانون فطرة الله التى فطر الناس والكون عليها.
تاريخ الحياة ملئ بهذه الحركة والسكون، وحين صار الإنسان إنسانا – بفضل الله- انتظم هذا الإيقاع بين نوم ويقظة، وبين نوم حالم ونوم بدون أحلام، وبين صوم وإفطار، مع عبادات تواكب الشمس والقمر فى دوراتها الحيوية …..
…..
…..
العبادة عبادة، فمن شاء فليؤدها، ومن شاء فليمتنع عنها سرا (ليس في الصيام رياء) أو علانية، هو وشجاعته وتقاليد مجتمعه، وقلة ذوقه، الصوم بالذات هو له –سبحانه، وهو يجزى به!! ذكر شرَّاحُ الحديث وجوهاً عديدة في معنى قوله تعالى في الحديث القدسي (إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزى به) مع أن الأعمال كلها له وهو أيضا الذي يجزي بها، رجعت إلى ما تيسر لى من أقوال الشراح، ووجدت أغلبهم قد رأوا ان تخصيص الصوم بأنه لله تعالى هو لأنه الأبعد عن الرياء، فلا أحد يصوم حقيقة وفعلا، إيمانا واحتسابا، ليعلن للناس أنه صائم، فى حين أنه يستطيع أن يفطر بمجرد أن يغلق بابه دونهم، الصائم هو صائم فى السر والعلن، لأن الله سبحانه معه فى السر والعلن، ولن يستطيع أن يخفى عليه أنه قد أفطر من خلف ظهر الناس، هنا يتجلى الحوار الصامت الملئ بحضور الحق تعالى قريب، أقرب من حبل الوريد، الحق تعالى يحيط بعبده بينه وبينه طول الوقت ليلا ونهارا، صائما ومفطرا، كما يسع كرسيه السمات والأرض، فيسر عبده إليه مايسر، فيرضى عنه ربه فيرضى عبده، وهذا هو الجزاء الأوفى،
فى العلاج الجمعى نتعلم ونعلم كيف نكف عن استعمال كلمة، لا أستطيع، لا أقدر، ونقول للمريض نحن هنا لنجرب ما لا نستطيع، وليس لنكرر ما نستطيع