جوزى ما حـَـكـَـمـْـنـِـى، دار عشيقى ورايا بالنـَّـبـُّـوت
جوزى ما حـَـكـَـمـْـنـِـى، دار عشيقى ورايا بالنـَّـبـُّـوت
ماذا يقول هذا المثل؟
أولا، هو مثل يشير – بكل الشجاعة – إلى العلاقات خارج مؤسسة الزواج إشارة واقعية وليست فقط من منطلق النهى الأخلاقى.
ثانيا: هو ينبه- ضمنا – إلى بعض ما يجعل الزوجة تتخذ عشيقا قويا حاسما، ليس لأنها تريد من رجلها (بدءا بزوجها) أن يستعبدها (ما حكمني)، فأن يحكم الزوج زوجته ليس معناه أن يقهرها، ولكن المثل يشير بشكل رقيق إلى أن بعض الأزواج يبلغون من الضعف والسلبية ما لا يملأ عين زوجاتهم، وبالتالى تبحث الزوجة عن هذا السند الرجولى القوى يملأ وعيها، ويغذى احتياجها، بل إن الحاجة إلى شريك قوى لا تقتصر على المرأة، فالرجل أيضا يحتاج إلى شريكة، حبيبة، زوجة، قوية، ظهر ذلك منذ عمر ابن أبى ربيعة وهو يتمنى أن تستبد به هند، ولو مرة واحدة إنما العاجز من لا يستبد،
“…واستبدت مرة واحدة إنما العاجز من لا يستبد”.
بل إن قولا صعيديا ساخرا يشيرإلى حاجة الرجل أحيانا أن يجد امرأة قوية بجواره حتى لو ضربته على قفاه وقالت “كذا”، إذن فحاجة الإنسان إلى دعم يسنده، أو قائد يحكمه ليست خاصة بالنساء، ولا هى دليل على السلبية والاستكانة من جانب الرجل فحسب، بل هى إعلان أن المرأة تريد شريكا حاضرا، يقظا، منتبها، يقول لها رأيه بحسم، مثلما تفعل هى معه بدورها إذا أتقنا سماح تبادل الأدوار، وأن ما يرضى المرأة من شريكها ليس فقط الود والعطف والتفويت وإنما الانتباه واليقظة والوضوح، وأن يحكم الزوج زوجته (وبالعكس) لا يعنى أن يفرض عليها أحكامه، ولكن أن يكون بجوارها بإيجابياته المتميزه، وحتى بخطئه المحدد، والزوجة بدورها تحضر فى وعى زوجها بنفس الحضور الإنسانى الصادق، وإلا فالنتيجة واحدة.
وهذا الزوج الذى لا يحكم زوجته قد يكون ضعيفا من البداية، أو معتمدا فى سرية أو علنية عليها، أو مستفيدا من صفقة سرية أو معلنة من هذه العلاقة ومن موقف الاعتماد المعلن أو الخفى، وقد يكون مثل هذا الزوج – إذا انبهر بقيم مستوردة- مخدوعا بما يسمع عن الحرية الواجب توافرها لسلوك الزوجة فى خروجها، ودخولها، واهتماماتها وصداقاتها، وهو يتمادى فى هذه الطنبلة (هذا “الطـَّـنـَـاش”) تحت زعم الحرية، فى حين أنه من عمق آخر، يعفى نفسه من مسئولية علاقة حقيقية بشريكته.
وحين تستشعر الزوجة مثل هذا فى زوجها، وربما تحاول أن تصلحه فلا ينصلح، أو تنبهه إلى المخاطر المحيطة به فلا ينتبه، فإن الأمور قد تتمادى حتى تعوِّض هذا النقص بعلاقة خارج المؤسسة الزوجية ( أو العشيق).