زرع الأمل Instillation of Hope
يختلف تناول موضوع الأمل “كعامل فاعل فى العلاج” باختلاف نوع المجموعة طبعا، فمجموعات الادمان، أو مجموعات اضطرابات الشخصية، غير المجموعات غير المتجانسة من المرضى التى سوف يقتصر حديثى عنها، وهى مجموعات قصر العينى حصرا، وهم يمثلون شريحة اجتماعية متوسطة أو متوسطة دنيا أو دون المتوسطة تعالج بالمجان، ومن البديهى أن “العلاج الخاص بمقابل” يعتبر عاملا مهما فى قياس الأمل، وتقاس أهميته بالنسبة لكل فرد على حدة.
وفى الحالات التى يشارك فيها مرضى سابقون (مدمنون سابقون مثلا) كمعالجين بالذات، يبدو ذلك ردا عمليا لتأكيد ترجيح إيجابية النتائج، ومن هنا الأمل.
ومع تقدم عمر المجموعة، فإنها لا تعود إلى هذا السؤال عن الأمل المتوقع عادة، وقد لاحظنا أن المرضى يعزفون عنه تلقائيا، وأن المعالج يصبح أقل استعدادا للتطرق إليه، ويرجع ذلك عادة إلى أن أغلب أفراد المجموعة يكونون قد تلقوا إجابات عملية ضمنية كافية من واقع مسيرة العلاج، كما أنهم يكونون قد ألفوا بشكل واضح التعامل من خلال مبدأ “هنا والآن“، وهذا المبدأ يستبعد الحديث عن الأمل بشكل مباشر تلقائيا، لأن الأمل هو أمر يتعلق بالمستقبل الذى لا يحضر “هنا والآن” بشكل مباشر محدد.
وقد يعود الحديث عن الأمل بالنسبة لأفراد معينين فى أوقات بذاتها أورد بعضها فيما يلى:
(أ) حين يبدو وكأن حالة المريض تسوء (ظاهريا على الأقل)، فتظهر أعراض جديدة ضد الشائع عن العلاج النفسى عموما، وأن المفروض فى العلاج أن “يريّح العيان”، أقول إنه من الطبيعى أنه حين يجد المريض نفسه يتألم أكثر، وهو يتحرك أصعب، فإن السؤال عن الأمل يكون طبيعيا.
(ب) فى أوقات “المرور فى المأزق” (المشى على الصراط) “المرور فى النار” Passing into Fire، يحتاج المريض فى هذه الأوقات أن يطمئن إلى أنه يمشى فى الطريق الصحيح حتى يتحمل آلام المأزق ولا يتعجّل فى الحكم على الموقف بالسلبية أو يسارع بالهرب إلى مايشبه الصحة Flight into health ، فيرتد إلى ما قبل المأزق.
(جـ) فى أوقات التحسن المرحلى سواء بعد المأزق، أو بدونه، فإن المريض قد يفرح بهذه النقلة النوعية وبالتالى يقفز إليه السؤال، هل هناك أمل فى أن يستمر فى نوعية هذه النقلة الجديدة أم أنها خدعة مؤقتة.
وفى جميع هذه الأحوال يلتزم المعالج بنفس الالتزامات السابقة التوصية بها، ولا يجيب عن التساؤلات بشكل مباشر، بل إنه يكون قد حصل على نتائج ودلائل تجيب نيابة عنه بشكل عملى وواقعى “وهنا والآن”.
ثم إن هذا التحريك للتساؤل عن الأمل، والحاجة إلى تدعيمه – كعامل علاجى كما يريد “يالوم” – قد يقفز فى مستوى ما من الوعى عند أى فرد من أفراد المجموعة حتى لو لم يمر بهذه الاحتمالات أو مثلها، لأنه يتصور نفسه فى موقع المريض الذى زادت آلامه، أو ظهرت أعراض جديدة عليه أو وهو يمر بمأزق علاجىّ حتمى، وبالتالى قد يقفز داخله متسائلا وماذا لو جاء علىّ الدور؟ إلى أى مدى سوف احتمل إن لم يصلنى أمل فى نتيجة مؤكدة تعّوض كل هذا أو تبرره