الوطن وعى يتشكل
الوطن: وعىٌ يتشكل!! إياكم أن يتخثَّرَ
سألنى أحد زملائى الأصغر عن ما هو الوطن عندى، وماذا كنت أعنى بالفقرة التى قلت فيها:
يتكون مفهوم الوطن فى وعينا منذ طفولتنا رغما عنا، … يقفز مفهوم ” الوطن” من داخلنا إلى قرب ظاهر وعينا حين تُذكر ألفاظ مثل “الأرض“، أو “الملك”، أو “القبر“، أو “الحرب“، أو “الحب“، أو “الناس” وإلى درجة أقل “الدين“، “العنصر” التاريخ“
رحت أقرأ الفقرة من جديد لأجيبه، ودهشت أنه ليست عندى إجابة، وفرحتُ – كعادتى – حين أكتشف أننى كتبت شيئا “غريبا عنى أنا شخصيا”، أحيانا تتسرب منى الفكرة الجديدة ولا أكتشفها إلا وأنا أعيد قراءة ما كتبت، رحت أتعجب وأعذر السائل فعلا، كيف يكون “القبر” مثلا من المفاهيم التى تحرك الوطن داخلنا؟ أو: كيف يكون التاريخ أقل أهمية فى تحريك “ما هو وطن” فينا، ثم اكتشفت أنه يبدو أننى أعامل مفهوم الوطن باعتباره وعياً يملؤنا، لا أرضا نطأها، وهات يا تقديس، وهات يا تصنيم، وحين نتجاوز حدود الوطن فكرا أو سفرا أو هجرة، يقفز فينا الوطن/الوعى أقوى وأجمل ثم يتقارب وعى الأفراد الذين وصلتهم نفس الرسائل ليتشكلوا معا وعيا جماعيا اسمه أيضا: “الوطن”.
أولا: أهديت ديوانى بالعامية لوطنى (الأرض/الناس) هكذا
قلت أهْدِيهاَ لْبلدنا، للِّى غنّى .. والَّلى صَحَّاهْ الغُنَى.، يَا مَاقُلْتُوا يَا أَهْل مصر يا فنانين، يا غلابَه، يا حضارَهْ، يا تاريخ، يا ما قُلْتُوا، ويَا مَا عِدْتُوا، صَحِّيتُونى،[واللى بَنَتْ مَصـْـر كاتْ فى الأصل: غِـنَّيَوهْ]
الهديّه للى غنّى، قال: “بَهِيّهْ لىِ يَاسينْ”، واللِّى صَحَّى لَيْلَى والمجنوُنْ يِـغَـنُّوا لمْصَرْ تانى، واللِّى علمنى حلاوة الـمُرْ.. من جُوّا النَقَايَهْ ،……، يا تَـرَى يا اهْل الحَضَارَهْ والكَلاَمْ الحِلْو واللِّحْنِ الأدَانْ، تقَبلُوا منِّى الهدِيَّهْ؟ أصلى غاوى، بس يا خسارَهْ مانِيشْ لا بِسْ طاقِيَّه، قلت انقَّـَّـطْ بالَكَلامْ.
ثانيا: أنهيت نفس الديوان، بقصيدة أدعو بها صديقا كان على وشك الاستقرار فى الولايات المتحدة للعودة وأنا أذّكره بما هو “نحن” /”مصر/الوطن”، قلت له:
يا طير يا طاير فى السما …رايح بلاد الغـُرْب ليه؟ إوعكْ يكون زهقكْ عماكْ: عن مصرنا، عن عصرنا، تفضل تلفْ تلفْ كمَا نورس حزينْ، حاتحط فينْ .. والوجد بيشدّك لفوقْ، الفوق فَضَا، الفوق قَضَا. وعْنيك تشعلق كل مادَى وتنسى طين الأرض مصر.
ثالثا: رجعت أؤكد فى نهاية نفس القصيدة أن مصر ليست هى طين الأرض، ولكنها قاعدة، وعينا ننطلق منها إلينا، إلى كل الناس، قلت:
دانا لما بابُصّ جوّا عيون الناسْ، الناس من أيها جنس، بالاقيها فْ كل بلاد الله لخلق الله. وفْ كلّ كلامْ،.. وفْ كلّ سُكاتْ.،…. واذا شفت الألم، الحب، الرفض، الحزن، الفرحه فى عيونهم..، يبقى باشوف مصر، وباشوفها أكتر لما بابص جوايا، …..، والناس الحلوين اللى عملوا حاجات للناس، كانوا مصريين !!
:..“كل واحد همُّه ناسُهْ، كل واحد ربـُّهْ واحدْ، كل واحد حـرّ بينا، يبقى ”مصري”، …. تبقى مصر بتاعتى هى الدنيا ديه كلها، هى وعد الغيب، وكل الخـلـق، والحركة اللى تبني.
رابعا: وفى صحوة أخرى، وجدت لى قصيدة متجاوزة، لم تنشر، وجدتنى من خلالها – بعد أن عرّيت التعصب المحتمل – أقبع فى قبرى وطنى/الرِحمْ/ الشبر هكذا:
لمَّا تمايلَ جمعُهم مكبـِّرا، مـُـهـلِّلا، فى حب أرضنا الوطنْ، أفرغتُ وعيى من خبايا حكمتى، فضبطُ نفسى هاتفا: “يحيا الوطن”.….
فأطلَّ من بين الضلوعِ، ابنُ السفاحِ الباسمُ المستهزئُ: ومضى يقول: “لكلِّ من ولدته أمُّه وطنْ، مثل الوطن”
يـا أرضَ ربّى قد وسعتِ الناسََ والسباعَ والطيورَ والحجارة، لكننى أرنو لشبَرٍ واحدٍ: ”أنا”، يضمُّّ عظمى يحتوينى رحِمَا.
وها هو معنى الوطن