ظاهرة اعطاء الاطفال مفاتيح الشقة أثناء المدرسة
فى ظل الفترة الصباحية والمسائية فى المدارس يتعارض مواعيد الأطفال مع مواعيد الأم، فتضطر كثير من الأمهات لترك أطفالهن بمفردهم في المنزل دون رقيب إما بسبب ذهابهن للعمل أو لقضاء مهمة خارج المنزل؛ وقد تستغرق مدة ترك الأطفال ساعات طويلة قد تعرض حياتهم للخطر أو يرتكبون جريمة سواء في حق أنفسهم أو في حق غيرهم كإشعال النار في السكن، أو امساك السكين، أو فتح الباب لاى شخص ما،
فننظر إلى أسباب هذه الظاهرة والنتائج النفسية المترتبه على هذه الظاهرة؟
فيقول أ.د. يحيى الرخاوى لتفادى تأثير هذه المشكلة على الأطفال وعلى مستقبلهم؟
أولا: لا يمكن أن نقول إن لهذه الظاهرة أسبابا غير ما ذكر السؤال، فأكل العيش هو السبب الرئيسى الذى يمكن أن يبرر، ولا يفسر، هذه الظاهرة.
ثانيا: لا أظن أن هذه الظاهرة سيئة على طول الخط، ذلك أنها فى الوقت الذى تحرم الأطفال من ذويهم ومن الشعور بالأمان وبمعنى الأسرة ومعنى المنزل، فإنها تعطى الطفل الفرصة للاستقلال، وكذلك الفرصة للاقتراب من الواقع وفهم طبيعة خشونة الحياة وضروراتها، وطبعا تختلف جرعة إيجابية وسلبية التأثير باختلاف سن الطفل، فالطفل الأصغر من خمس سنوات مثلا لا يمكن أن يلتقط المعنى الإيجابى لهذه الظاهرة، فى حين أن الأكبر سنا قد يدرك معنى الاضطرار ويبدى الاستعداد للتعاون.
ثالثا: هذه الظاهرة أخطر فى المدينة عنها فى القرية، ذلك أنه فى القرية توجد الأسرة الكبيرة، والجيران، وأهل الحارة، وكل هؤلاء يمثلون للطفل الأسرة الممتدة ويقومون تلقائيا وبالتبادل برعاية أطفال بعضهم البعض حتى يحضر المشغول وهكذا.
أما فى المدينة فالمسألة تختلف حيث الشقق مثل علب الكبريت، والتباعد بين الجيران هو القاعدة، واختفاء حوش العمارة وبئر السلم المتسع أصبح من قواعد البناء الحديث، فلم تعد فرصة لأولاد العمارة أن يلعبوا سويا، كل ذلك يجعل من الشقة المغلقة سجنا قبيحا حتى ولو كان الطفل يحمل مفتاحا من ذهب.
رابعا: لا أعرف حلا سهلا لهذه الظاهرة، فأنا لا أستطيع أن أنصح الوالدين المحتاجين لكل قرش أن يكفوا عن العمل فى انتظار عودة أطفالهم لاستقبالهم كما أننى لا أستطيع أن أنصح بتغيير مواعيد المدارس بحيث تتفق مع السماح للأهل بانتظار أولادهم، كل ما يمكن القول به هو أقرب إلى الأمانى منه إلى الحل، ومثال ذلك:
1- أن تزداد الروابط بين الجيران فيقومون بعمل ما يشبه الجمعية لرعاية هؤلاء الأطفال
2- أن ينظر فى مسألة اشتراط الحوش المشترك فى بعض العمارات، ولا سيما العمارات التى تبنيها الدولة، والجمعيات، وأن تنظم جمعيات لرعاية الأطفال فى ما يمكن أن يسمى الحوش المشترك (أو النادى الصغير)
3- ألا نبالغ فى إسقاط مخاوفنا على الأطفال، فليس كل الأطفال المتروكين فى المنزل هكذا يعانون من الخوف كما يقول السائل
4- ينبغى أن ننتبه لأخطار أخرى غير الشعور بالخوف، مثل التعرض لمخاطر اللعب بالكهرباء، أو مخاطر تناول مواد سامة، أو فتح البوتاجاز إلخ
5- ينبغى تعويض هذا الغياب بعد اجتماع الأسرة بنشاط مشترك، وليس فقط بالجلوس أمام التليفزيون، وأنصح بممارسة ألعاب التسلية معا بصفة شبه منتظمة حتى لو اضطر الأمر لعمل دورى صغير بين أفراد الأسرة فى أى لعبة مشتركة، كذلك يتم التعويض فى أيام الأجازت حيث يراعى الخروج معا والزيارات معا ما أمكن ذلك.