المدمن بالنيابة! (التواطؤ اللاشعورى)
هذا التعبير غير قاصر على الإدمان، بل إنه تعبير مستعمل فى النظر فى سيكوباثولوجية العائلة، وكذا بعض المجتمع، وهو يُستعمل عادة فى تفسير مرض طفل بأعراض نفسية – مثلا– نتيجة لإسقاط مشاكل الأسرة عليه، والمقصود هنا أن المدمن بإدمانه (مثل الطفل المريض ”بالنيابة” عن أسرته أو عن والدته)، إنما يعلن عن مرض فى دائرة أشمل وأخفى، وكما نعتبر فى هذه الحالات أن الأسرة هى المريضة، فإن “المدمن” نفسه فى هذه الحالة لا يكون إلا عَرَضاً يعبر عن باثولوجية (إمراضية) أحد أفراد الأسرة الآخرين.
وأحيانا ما نستطيع أن نستنتج أن المدمن يدمن بالأصالة عن نفسه، وبالنيابة عن والده مثلا، والده الذى قد يكون ظاهر الالتزام الأخلاقى أو الدينى بشكل مبالغ فيه، لكنه التزام غير نابع من اختيار حر، حينئذ يحدث أن يُسقط “الأب” حاجته الداخلية إلى التحرر (بتفكيك الوعى الأخلاقى المتجمد) يسقطه على ابنه، الذى يصبح بدوره مدمنا “بالنيابة”(1)
وأحيانا ما تستعمـِل الأم (حالة كونها الزوجة المقهورة) إدمان ابنها لتؤكد به – لا شعوريا (أو شعوريا) – فشل أبيه (القاهر) وعجزه عن تربيته، وخيبته رغم ظاهر جبروته.
الفائدة والتطبيق:
إنه يكاد يستحيل علاج مثل هذه الحالات دون فهم كيف يكون المدمن مجرد عَرَض لإمراضية مَنْ حوله، ونحن ما لم ننتبه للعمل على أن يكف الوالد عن استعمال ابنه (لاشعوريا غالبا) أو تكف الأم عن لـىّ ذراع زوجها أو طليقها بهذا الابن الضائع، فلن نستطيع أن نصل إلى المدمن، وبالتالى يصعب علاجه.
وفى المجتمع العلاجى يمكن أن تتعرى هذه العلاقات، حين نلاحظ كيف أن المدمن يتحسن تحسنا أكيدا بمجرد الانفصال عن المحيط المتواطئ، أو عن الوالد الذى يستعمله (لاشعوريا غالبا) إذ يجد أن المجتمع العلاجى هو أسرة بديلة لا تستعمله، فتتاح الفرصة لوضع جديد يسهم فى العلاج.
بل لقد لاحظنا احيانا أن المدمن الذى يحتمل أن يكون من هذه الفئة إذا تحسن داخل المجتمع العلاجى بشكل لا شك فيه وسمحنا له بالزيارة لمثل هذا الوالد الذى يستعمله، فإنه قد يسوء بعد الزيارة مباشرة، فى نفس الوقت الذى ينكر فيه والده بشكل قاطع هذا التحسن الذى يشهد به الجميع، وكأنه – مرة أخرى: لاشعوريا – لا يريد له التحسن!!
[1] – وهذا أشبه بالظاهرة المسماة بالجنون المـُـقـحـَــمْ Folie imposé