“ما زول زى زول،
و لا الصلاية زى دق الهون”
والزول هو “الشخص” الفرد، والكلمة تستعمل فى شمال السودان أكثر من استعمالها فى العامية المصرية الحالية، والتقابل هنا له عمق غائر رائع، لأنه بعد مقارنة ذاتٍ بأخرى، راح يقارن الإسم (الصلاية) بفعل (فعل الدق)، وكنا نتوقع التبسيط ودقة المقابلة أن يكون بقية المثل: “و لا الصلاية زى الهون”([1]) ولكنه ذكر ” دق الهون ” هنا، مع حذف “دق” قبل الصلاية، [فلم يقل أيضا: دق الصلاية زى دق الهون) وقد نقلنى هذا فجأة، وبإصرار، إلى أن ما يترتب عن الاختلافات الفردية هو اختلاف الأداء، أى أنه ليس المهم أن تستقبل الاختلاف وتحدده، ولكن الأهم هو أن تجعلك رؤية هذا الاختلاف تتوقع من “زيد” ما لا تتوقعه من “عبيد”، من كلٍّ حسب ما هو، مع احتمال الاختلاف أيضا باختلاف التوقيت أو السياق أو كليهما.
وإن كان المثلان المتقدمان قد أعلنا الفروق الفردية بفعالية موضوعية، فإنك تشم رائحة تمييز طبقى وسلطوى فى أغلب الأمثال الأخرى التى تتناول النصح بضرورة التمييز بين الناس،
“إيش جاب لجاب”
والمثل يضرب هكذا-تعميما-أحيانا، كما قد يضاف اليه تفصيل لاحق،…. وبمجرد استعمال “إيش جاب” نشعر بهذه التفرقة الطبقية بشكل أو بآخر، حتى لو جاء بعده لفظ جديد منحوت لدلالته الصوتية وتركيبه الأطول والأكثف فحسب، أى بلا مضمون متفق عليه،
[1] – الصلاية هى وعاء خشبى مستطيل الارتفاع نسبيا يدق فيه الثوم والكفتة بيد خشبية، والهون هو وعاء نحاسى أكبر، وهو أقل إرتفاعا ويدق فيه بيد نحاسية ثقيلة، ويشاهد حاليا فى السبوع أكثر من استعماله فى المطابخ بعد الإغارة العصرية.
مقتطف من كتاب مثل وموال (الفصل الثانى عشر:
فصل فى: الفروق الفردية، والتناسب) لموقع المستشفى