الحب بالحساب
الحب بالحساب
فى مسألة الحب تتواتر فى الوعى الشعبى الحسابات والتقديرات والشروط بشكل عملى، لكنه خفىّ غالبا حتى لا يتشوّه!
أ- يبدأ التنبيه على الحذر من مسألة الحب من جانب واحد، وهذا المعنى وارد فى عديد من الأغانى والمواويل، ويلخصه المثل:
“من رادَكْ ريدُه، ومن طلب بـُعـْدك زِيدُه“.
ب- وتتأكد المعاملة بالمثل وزيادة:
إللى يبص لى بعين أبصله باللتنين.
وينبغى أن ننتبه إلى أن هذا الموقف الحساباتى: “واحدة بواحدة”، لا يقلل من قيمة الحب، بل إنه يجعله مبنيا على أرض صلبة من الاحتياجات الحقيقية للطرفين، وهنا ينبغى التنبيه على ضرورة أن تكون الصفقة متكافئة، ومدركة لوجود الآخر(بما هو آخر)، فيكون حبنا له هو المقابل لما يتقدم لنا به من رؤية ورغبة وقبول.
ولكن قد تعقد الصفقة لتبادل الاحتياج وذلك حين يقتصر حبنا لهذا الذى احتاجنا لا أكثر، على أن أحرص على استمرار احتياجه مادمت أنا أيضا أحتاج ذلك أكثر منه شخصيا.
وقد سبق أن عبرتُ شعرا عاميا عن هذا المستوى من التقارب، قائلا:
“أنـــا عايزة حد يعوزْنِى، وأعوزْ عَوَزَانُهْ“،
هذا المعنى الاحتياجاتى يلغى الآخر تقريبا، والوعى الشعبى يؤكد على المعنى الناضج: “هات وخد” بشكل متكافئ وشريف ومعلن: إعطنى نفسك، أعطك نفسى، وليس إعطنى حبك أعطك حبى لحبــك لى (أعوز عوزانه).
جـ – ويصل الأمر فى مسألة قبول الصفقة لدرجة أن يـُنـْصح فى مثل آخر بالتغاضى عن صفات المحب المخيفة أو الخطرة، مادام هذاالمحب صادقا فعلا، يقول المثل:
“إن حـَبـِّـتـَـك حيه اطـَّـوَّق بيها“
بل إن هذا المثل يتضمن التأكيد على أن فى الحب نفسه تأمين لأى شر يحتمل أن يكون كامنا فى مصدره، فالحية التى تحب لا تــلدغ محبوبها بـِـسـُـمـِّـها أصلا (المفروض يعنى!).