نداء الوالدين بالأسم
– لماذا اختفت كلمة بابا وماما وحل محلها نداء الوالدين باسم أى منهما؟
– من حق كل طفل أن ينتمى إلى أب وأم، حتى لو حرم الأب والأم، فإنه حتما ينتمى إلى من يقوم مقامهما. والواقع أن نداء الأولاد والبنات لأهلهم بالأسماء المجردة يقلل من التأكيد على هذا الحق بشكل أو بآخر. ومع ذلك ففى الأمر وجه آخر، وجه طيب فى نفس الوقت فمن ناحية هو يزيل الحاجز بين الجيل الأصغر والأكبر، ويكاد يدعو إلى نوع من المساواة تقلل من الهيبة وتخفف من الرهبة التى اعتدناها بين الأجيال.
ولكن من الناحية الأخرى فإن ذلك قد يحرم الطفل من رؤية الكبير كبيرا، قادرا، ومصدرا للرعاية والاعتماد.
ويزداد الخطر حتما حين يختلط هذين البعدين، ففى حين يبدو ظاهر النداء مزيلا للحواجز، قد تدل سائر تصرفات الوالدين على القهر، والقسوة، وافتقاد الحوار، وكأن المسألة شكلية تماما.
ويرجع الأمر بشكل أو بآخر إلى استيراد عادات ليست من واقعنا ولا من تقاليدنا، وياليتنا نستوردها صفقة مكتملة، فالواقع أننا نستورد منها شكلها أو سطحها دون جوهرها أو عمقها.
وأظن أن نداء الطفل لوالديه بالاسم يأتى مصدره من نداء الوالد للوالدة باسمها مجردا، وبالعكس، فيتقمص الطفل والده أو والدته ويناديه باسمه مقلدا.
ولابد ونحن نعيد النظر فى هذه الأمور أن نتذكر أننا كونفوشيسيون أكثر منا فرويديون، (كونفوشيوس الفيلسوف الصينى الذى بنيت فلسفته على توقير الكبير) بمعنى أن قيمنا ضاربة العمق فى الفكر الشرقى، وليست نابعة أصلا من الفكر الغربى، ثم نحن مسلمون مصريون، حيث للكبير مكانه ومكانته فى الحضارة المصرية القديمة، وفى الدين الإسلامى على حد سواء.
وأخيرا لابد أن يكون للمجتمع معالم تميزه بشكل أو بآخر، فما يجرى فى القرية غير ما يجرى فى المدينة، وما يحدث فى الأسرة البرجوازية الصغيرة غير ما يحدث فى أسرة العامل الحرفى، أو رجل الأعمال، وهذا التضارب يظهر مجتمعنا وكأنه سلاطة تتجمع كيفما اتفق.