متى يصحّ أن نصف إنسانا ما بالإدمان؟
بعد كم جرعة أو شمه يصبح الإنسان مدمنا
متى يصحّ أن نصف إنسانا ما بالإدمان؟
يمكن أن نصف أغلب الناس بذلك، وإنما يهمنا ألا نبالغ بالتعميم، فنكتفى بأن نضع ثلاثة شروط لوصف “المتعاطى” (والمتعاطى غير المدمن!) بهذه الصفة (بالمعنى السلبى)، وهى:
1- التعود حتى العجز عن التخلى عما يتعاطاه
2- وتعتيم الوعى على حساب الوعى العادى المسئول
3- والضرر الناتج عن هذا وذاك، بما فى ذلك الإعاقة عن التكيف، وإيذاء الذات، أو الآخرين.
– هل يشمل الإدمان عامة بالتعريف الواسع الذى ذكرتَه: المخدرات، الكحوليات، المكيفات بأنواعها، التدخين، الطعام والشراب، وغيرها من بعض السلوكيات المعتادة والشائعة؟!
نعم، يشمل كل ذلك، بل وأضيف عليها أنه يشمل: الأفكار والمعتقدات، وبعض طرق البحث (العلمى!!!!) وبعض طرق التفكير، بل وبعض طرق الترفية، مثل إدمان العادات الاستهلاكية.
وأنا لا أستطيع أن أفصل الدعاية التى تهاجمنا ليل نهار لتروج لما يسمى مجتمع الرفاهية، أو لتسوِّق حبوب السعادة والطمأنة الكيميائية التى يوزعها الأطباء، لا أستطيع أن أفصل هذا أو ذاك عن المصيبة التى نعيشها واسمها الإدمان (فى صورته السلبية) فكل منها يروج لنوع من سبل الاستسهال والخدر، وإن اختلفت اللغة وتنوَّع التبرير.
- ما هو تأثير المخدرات – تحديدا- على مخ الإنسان – أجزائه ومكوناته وعمله ونشاطه ووظائفه- الخلايا العصبية والأوردة الدموية والعقل الباطن والواعى، والذاكرة، والتفكير، وغيرها من مكونات وأجزاء المخ، وعمله ووظيفته؟!
هو تأثير سيئ جدا، على كل هذا، ولكن ماذا يفيد المدمن من هذا التأكيد الخطابى كله، أو من تفصيل فى ذكر معلومات أكاديمية جافة إن غير المدمن لا يهمه هذا.
وأهل المدمن يعرفون الشر والأذى والضرر أكثر من أى طبيب، والمدمن ليس هنا من أصله، فلمن نكرر مثل هذا الترهيب، والتخويف ليل نهار، ونحن نعدد معلومات ليس لها فائدة عملية!؟؟.
– بعد كم جرعة أو شمة أو قطعة أفيون أو حشيش أو كأس خمر، يصبح الإنسان مدمنا؟
هذا أمر يختلف من فرد لفرد، فونستون تشرشل كان يشرب برميلا من الخمر، وهو رئيس وزراء، وأديب، وفنان، وإنسان ولا يعتبر مدمنا،
وسيد درويش كان مخزن مخدرات متنقل، وقد ترك لنا فى سنوات ما لم يقدّر حق قدره حتى الآن.
وأسمهان كانت تتعاطى كل ما يتعاطاه، وما لا يتعاطاه ثلة بأكملها من المدمنين.
ولكن هذه حالات فردية لا يقاس عليها، لكن القصد من ذكرها هو التنبيه على أن التعميم هو ضد العلم وهو يشوه الحقائق، وأن المسألة لها – دائما – أكثر من وجه، وأكثر من حساب، وأن الفروق الفردية شديدة الأهمية والدلالة، وأن ظروف التعاطى تختلف، ولابد من حساب كل حالة على حدة، ولا داعى للترويج لحكاية شمة واحدة تكفى للغوص فى بئر الإدمان