عن أهم الظواهر السلبية التى تميز المصريين (غالبيتهم)
- أ.د. يحيى الرخاوى
من أهم ظواهر السلبيات وهو الفساد وليس على القطاع العام، وإنما يمتد الى القطاع الخاص، ولعل مأساة هذا الانتشار والشمول أنه يؤدي أحياناً الى تولد فكرة عامة مغلوطة مؤداها أن الفساد قدر لا يمكن دفعه أو الفكاك منه أو عمل أي شيء ازاءه.
بداً أنى متحيز لأهل بلدى – أنه بالرغم من وجود مظاهر سلبية، كثيرة وظاهرة، إلا أنها أبدا لا تمثل غالبية المصريين بحال من الأحوال، لا حالا ولا تاريخا، لأننا لوكنا غالبية سلبية لما استطعنا أن نصمد كل هذا التاريخ تحت كل هذه الظروف، ولا يصح إطلاقا أن نتصيد هذا السلوك الفردى أو ذاك لنقول إن المصريين كذا، أو إنهم كيت من الصفات السلبية، فظروف مصر كانت ينبغى أن تجعل هذا الشعب أفاقا أو منحلا على طول الخط , ولا هو هذا ولا ذاك، بل هو شعب يبنى بلده رغم كل شيء، بل وهو رائد فى بناء من حوله, وما حوله مهما بدا عليه من سلبيات.
فإن كان من ضمن إيجابياتنا أن نعترف ببعض سلبياتنا، فدعنى أقول إن اللامبالاة (أو الأنامالية: أنا مالى) التى قد يتصف بها الشعب المصرى، وكذلك تحمل الحاكم الظالم أكثر مما ينبغى، وعدم الانتماء إلى قيمة العمل انتماء متصلا وكافيا، كل هذه المظاهر هى من سلبياتنا فعلا، ولكن من عمق آخر قد نقرأ فيها ما يشبه الصبر، والثقة بالزمن والاحتجاج على التوالى، فنحن لا نحتمل الدكتاتور لأننا نرضى عن حكمه، ولكن ربما ثقة منا – كشعب حضارى انتصر دائما على مقومات هزيمته – ثقة منا بأنه سيرحل، أو ستجىء له مصيبة تأخذه، (مثلما يقول المثل عندنا) ونحن قد نكسل فى عملنا، ولكننا نعمل فى القطاع الخاص وفى الخارج بطاقة لا يقدر عليها غيرنا، وكأننا حين نكسل أو نتكاسل نحتج بما معناه ‘على قد فلوسهم’, وهكذا، وبديهى أننى لا أحبذ هذا ولا ذاك، ولكننى فقط أحاول مع الاعتراف بأن كل هذا سلبى، أحاول أن أقرأ فى الظاهرة ما وراءها.
- عن ظاهرة الميل إلى الاتكالية والسلبية وعدم الميل إلى النظام،
أما عدم الميل إلى النظام فنحن نعتبر من أحسن بلاد العالم الثالث نظاما، وقد يرجع هذا إلى عراقتنا فى نظام الرى مثلا، وضرورة اعتمادنا فى الزراعة على دورات بذاتها، ومقادير من المياه بذاتها، ولو أننا حقيقة لا ننتمى إلى قيمة النظام، إذن لتوقف المرور نهائيا فى بلد مثل القاهرة مثلا، ثم لا يصح أن تقارنا فى هذا ببلد لها أضعاف إمكانياتنا، وعشر عددنا، فعلى قدر فلوسنا، وبقدر عددنا تسير الأمور، وأنا غير راض عن أى درجة من الفوضى مهما كانت التبريرات، ولكن لكل شىء أوان.