لغة الحيل النفسية
1– الإفراط المعجز فى استعمال الحيل: بالشكل العام المتناسق المألوف ونتاجها المزمن هو اضطرابات الشخصية (وخاصة النوع النمطى) ونتاجها الحدثى accidentel هو العصاب بأنواعه، ولعل فى ذلك مايفسر ما ذهبت إليه بعض الاتجاهات (مايرجروس Mayer Gross مثلا) إلى اعتبار هذين الاضطرابين واحدا، والفرق بينهما فى المظاهر السلوكية فحسب، حيث يظهر العصاب فى شكل أعراض محددة فى حين يظهر اضطراب الشخصية فى شكل نمط كلى فى السلوك والسمات وليس عرضا محددا.
2- الانهيار المفاجئ للحيل: ويظهر فى بداية الذهان بصفة عامة، لمدة تطول أم تقصر حسب تطور المسيرة الذهانية بعد ذلك وحتى يكون هذا الانهيار ذهانيا لابد أن يكون :
(1) مفاجئا.. بلا استعداد سابق
(ب) لاإراديا.. بلا ترتيب سابق
(ج) كليا.. حتى ليشمل أغلب الحيل فى أغلب مجالات السلوك
(د) معجزا.. حيث لايمكن استيعابه فى مساحة الوعى القائمة.
وهذه الشروط لازمة، لأن انهيار الحيل قد يحدث أحيانا بنفس الجرعة إلا أنه قد يكون بداية مرحلة نضج جديدة، أو إعلان حدس فنى جديد، أو خبرة وصول تصوفى جديد، وفى جميع هذه الأحوال يكون سقوط الحيل أقل مفاجأة، كما أنه استجابة لدرجة مامن الإرادة الواعية، ويكون عادة جزئيا فى مجال محدود البداية، وأخيرا فإنه يحدث مع اتساع مساحة الوعى القائمة بحيث يمكن استيعابه فى فعل مثمر (فن)، أو خبرة شخصية أعمق تدفع النمو إلى أعلى (نمو)، أو توازن ذاتى أكثر تناغما (خبرة صوفية) أما الانهيار الذهانى فهو يكاد يكون عكس ذلك كما ذكرنا، وتتبع المسيرة الذهانية بعد هذا الانهيار الفجائى فى الحيل أحد سبيلين:
(I)الذهان النكوصى : regressive Psychosis وفيه يستمر انهيار الحيل، ويتراجع النمو إلى مراحل سابقة حتى لا تظهر أعراض ذهانية بخلاف السلوك النكوصى الطفلى أو البدائى، وهذه الصورة موجودة فى بعض حالات الذهان الفصامى المعروفة باسم “قليلة الأعراض” Oligosymptomatic والتى أفضل أن أضيف لفظ نكوصى إليها بحيث يسمى هذا النوع “الفصام النكوصى قليل الأعراض” Regressive Oligosymptomatic Schizophrenia وكذلك توجد هذه الظاهرة النكوصية فى بعض حالات الهوس النكوص[2]5Regressive Mania
(II) الإفراط النشاز فى الحيل: فإذا لم ينجح النكوص أو نجح بنسبة غير كافية، فإن الحيل تعود للظهور بجرعات متزايدة ولكن بغير تناسق، مع الإفراط فى الحيل المسماة بالذهانية مثل الاسقاط، والانكار، والاحتواء، رغم وجود مناطق وحيل منهكة ومنهارة فى نفس الوقت، مما يترتب عليه نشاز مشوه لانتظام الشخصية ولصورة العالم الواقعى فى نفس الوقت.
[1]– من البديهى أنه يمكن النظر إلى أى موضوع وتقسيمه من أكثر من منظور دون البعد عن حقيقته رغم اختلاف زوايا الرؤية واللغة المستعملة.
[2]– أقسم حالات الهوس إكلينيكيا إلى تقسيما استقطابيا، من بعض أبعاده: الهوس النكوصى Regressive Mania والهوس الانشقاقى Contaminated Dissociative Mania
دراسة فى علم السيكوباثولوجى (شرح: سر اللعبة) منظور لغة الحيل النفسية الفصل الثالث