عن الأمراض المستحدثة النفسية بفعل التكنولوجيا
فوبيا الهاتف ، العزلة ، الانفصال الاجتماعى ، الرنين الوهمى، فوبيا السيلفى.
أعتقد أن المقصود هو “هوس الهاتف” و”هوس السيلفى” وليس فوبيا الهاتف، وفوبيا السلفى، فكلمة فوبيا تعنى رُهاب أى الخوف من شىء لا يخيف مثل الخوف من الأماكن المرتفعة أو من الأماكن المغلقة، أو حتى مما يخيف مثل الخوف من المرض، أو من الجنون أما كلمة هوس فلها معنى آخر، كلمة هوس بعيداً عن معنى الهوس المرضى إنما تعنى الافراط الشديد فى سلوك بذاته، فهوس الهاتف هو نوع من التعلق بالهاتف، الجوال خاصة، حتى يشغل معظم وقت الشباب والصغار، وأحيانا يطلق على مثل ذلك “إدمان الهاتف”.
أما هوس السيلفى فهو قد يشير إلى نوع من التركيز على الذات والرغبة فى تصوير النفس سواء متفردة أو مع آخرين، وهذا التركيز يقابل بشكل ما هوس النظر فى المرآة، وهو بعض مظاهر النرجسية، كما أن له علاقة بمرحلة “المرآة” فى نمو الطفل حسب “جاك لاكان”.
وكل هذه السلوكيات تؤدى إلى تواصل مصنوع زائف وعلى مسافة، فهى سلوكيات تكرس العزلة وتعمق الانفصال بين وعى الناس وبعضهم البعض، لأن التواصل بين الناس لا يجرى فقط بالكلمات المكتوبة على الفيس أو “الرسائل” أو الواتس اب” ولا حتى بالحوار اللفظى وحده، وإنما يتم التواصل الحيوى بما يسمى “الوعى البينشخصى”ثم “الوعى الجمعى” وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بالمواجهة الحية والحيوية بين إنسان وإنسان آخر أو بين إنسان ومجموعة من البشر، وإذا حلّ التواصل المصنوع بالتكنولوجيا محل هذا التواصل الحيوى فإنه على المدى الطويل يصبح إعاقة للتواصل البشرى السليم.
أما عن “العزلة” فهى قد تكون موجودة بشكل طبيعى عند الشخص الأنطوائى والطفل النموذجى وليس لها علاقة مباشرة بالتكنولوجيا الحديثة اللهم إلا أن هذه التكنولوجيا توهم من يستعملها أنه ليس معزولا فى حين أنها تكرس لعزلة أخفى وأخطر.
“الرنين الوهمى” هو عرض يقع بين الوسوسة والهلوسات، فإذا كان الطفل أو الشاب يعرف أنه احساس وهمى فهو وسواسى، أما إذا أعتقد فعلا أنه يسمع رنين الهاتف دون أن يرن فهى هلوسة سمعية، وأحيانا تصحبها هزات مثل ذبذبة الهاتف الصامت، وهى عرض أخطر يأتى من التعود وإدمان الهاتف وهو ما يؤكد المخاطر.