علاقة محتوى التفكير (الضلالات خاصة) بالاضطراب الجوهرى للتفكير:
لاتوجد علاقة مباشرة بين وجود الضلالات وبين الاضطراب الجوهرى للتفكير. ذلك أن تكوين الضلال مثل تكوين المفهوم (السوى) تماما، ولكى يكون الضلال متسقا فى ذاته لا بد من أن تكون”العملية” التى تصنعه سليمة، بنفس قدر سلامتها وهى ”تكون المفهوم” Concept Formation فى حالة الصحة، فإذا اختلت هذه العملية مثلما يحدث فى الاضطراب الجوهرى للفكر- فإن الضلال يتفسخ ويصبح غير منتظم، فى مقابل أن المفهوم أيضا يتفكك وينشأ عنه مسمى “الاضطراب الجوهرى للفكر”.
والضلالات ليست مجرد خطأ فى الحكم على الأمور وإنما هى مركز ظاهرة “فكروجدانية” حيث ترتشق الضلالات فى بؤرتها (كما ورد فى دليل التشخيص المصرى)، معنى أن تكون الظاهرة “فكرية-وجدانية” فى آن هو معنى ظاهراتى وصفه أساسا الطب النفسى الألمانى والفرنسى قبل إغارة التقسيم الأمريكى الرابع على كل شيء.
وفى خبرتنا ثبت أن الضلال (المزمن المنتظم خاصة) لا يرتشق فقط فى هذا الوساد “الفكروجداني” وإنما هو منغرس ومختلط بالبدن ككل (بما فى ذلك العضلات مثلا) – وقد لاحظنا ذلك خاصة أثناء العلاج التنشيطى البدنى (مثل العدو الطويل) حيث أظهرت تعتعة التركيب العضلى أثناء الهرولة والعرق والتحريك، أظهرت أن ذلك قد يصاحبه تعتعة مقابلة لثبات الضلالات وتصلبها مما يجعلها فى متناول المواجهة والحوار، وفى النهاية “التمثل” (أى استيعاب الضلالات حتى هضمها وتمثلها ثم تلاشيها توليفا فى واحدية الذات النفسفيزيقية)، بل إن ذلك التحريك (التعتعة) يجعل الضلالات أكثر استجابة للنيورولبتات (يلاحظ هذا خاصة لمن لم يكن يستجيب لها قبلا).