عن سلبية الشخصية المصرية
أ.د. يحيى الرخاوى
لا أحسب أننى فى موقع يسمح لى بالتفسير أو بالتبرير لما يقال عن سلبية الشعب المصرى، أو الشخصية المصرية.
ذلك لأن الأمر يحتاج إلى إحصائيات أولا للتحقق من هذه المقولة.
بل إن الأمر يحتاج قبل ذلك إلى تعريف لماهية السلبية المزعومة التى وصف بها شعبى الذى أنا منه بكل تأكيد، وأيضا – رضيت أم لم أرض – بكل فخر.
وسوف أكتفى بعرض انطباعاتى بهذا الشأن من منطلقين محددين:
المنطلق الأول: هو شخصي، ورغم أننى لا أمثل شعبى، إلا أننى مصرى بالضرورة، ومصرى بالولادة، ومصرى بالإنتماء، وأكاد أقول مصرى بالاختيار لو خــيرت (ورحم الله مصطفى كامل)
والمنطلق الثانى: هو خبرتى فى ممارستى للطب النفسى مما أتاح لى رؤية عينات بلا حصر من أفراد هذا الشعب وهم فى حالة عرى كامل، أو تمزق كاشف، أو تحد متألم (وهذا ما يسمى المرض النفسي)
أقول من واقع هذا وذاك فإن ما يسمى سلبية هو النتاج الطبيعى لعوامل التاريخ والجغرافيا، وذلك من حيث أصالة وعمق العلاقة بين الإنسان المصرى وكل مما يلي:
أرض منبسطة – قـدر دورى (فيضان النيل) – زراعة موسمية (قديما) – خلود محتم ورب واحد (نحن من أول الموحدين) – زمن ممتد، حياة راسخة.
وأحسب أنه إذا اجتمعت هذه العوامل وتغلغلت عبر آلاف السنين، فلا بد أن تفرز إنسانا له تفاعل هادئ (يبدو لامباليا)، وصبر على الحكام (يبدو مستسلما) وهو ليس كذلك لأن منطقه التاريخى يؤكد له أنه الأبقى وأن هذا الحاكم إلى زوال: ليرحل لتجيله مصيبة تأخذه !!!!)
واستيعاب لغزاة حتى يصيرهم مصريون دون أن يصيروه محتلا (يبدو مهزوما).
أما السلبيات الأحدث فأحسب أنها جاءت نتيجة الاستعمار التركى فالبريطانى من جهة، ثم نتيجة الحكم الشمولى الذى غذى الاعتمادية والاتكال من جهة أخرى.
وأخيرا فلا ننسى أننا نتحدث عن شعب من شعوب العالم الثالث، ولا يصح مقارنته إلا بمن هو من العالم الثالث حيث مازلنا فى سنة أولى ديمقراطية وسنة روضة إبداع وسنة تانية تصنيع، وسنة عشرة طائفية وقبلية وتعصب.
ورغم كل ذلك فالنبض الحضارى يسرى فى عروقنا لا تخطئه عين حاكم مدقق.