متى يصبح الإنسان مدمنا؟
بعد كم جرعة أو شمة أو قطعة أفيون أو حشيش أو كأس خمر، يصبح الإنسان مدمنا؟
هذا أمر يختلف من فرد لفرد.
فونستون تشرشل كان يشرب برميلا من الخمر، وهو رئيس وزراء، وأديب، وفنان، وإنسان ولايعتبر مدمنا.
وسيد درويش كان مخزن مخدرات متنقل، وقد ترك لنا فى سنوات ما لم يقدّر حق قدره حتى الآن.
وأسمهان كانت تتعاطى كل ما يتعاطاه، وما لا يتعاطاه ثلة بأكملها من المدمنين.
ولكن هذه حالات فردية لا يقاس عليها، لكن القصد من ذكرها هو التنبيه على أن التعميم هو ضد العلم وهو يشوه الحقائق، وأن المسألة لها – دائما – أكثر من وجه، وأكثر من حساب، وأن الفروق الفردية شديدة الأهمية والدلالة، وأن ظروف التعاطى تختلف، ولابد من حساب كل حالة على حدة، ولا داعى للترويج لحكاية شمة واحدة تكفى للغوص فى بئر الإدمان، كما ذكرنا فى بداية الحديث.
لو كان إنسان ما مدمنا.. كيف يقلع؟! ولو لم يكن، كيف يتجنب ويتحاشى ويتقى الإدمان؟!
أولا: أحب أن أؤكد عكس النغمة الشائعة التى يغلب عليها قدر كبير من اليأس والتعجيز فيما يتعلق بعلاج الإدمان، فأقول: إن للإدمان علاج.
فقط لابد من تحمل الإلتزام بالعلاج الطويل المدى بما فى ذلك حدوث بعض النكسات.
ثانيا: أحب أن أنبه أن مجرد الإنقطاع عن المخدر ليس هو العلاج، ولكنه المرحلة الأولى فحسب.
ثالثا: أحب أن أؤكد أن المدمن لا يحتاج إلى من يقول له هذا مضر، وكفى، وإنما يحتاج إلى بديل يحقق له ما كان يتصوره سيتحقق بالمخدر.
لابد أن نفهم أن المدمن (مثل أى إنسان) يحتاج إلى صحبة ظريفة شريفة، بدلا من الصحبة الذاهلة الغائبة.
(وهذا هو دورالعلاج الجمعى والتأهيل فى مجتمع علاجى، ثم المجتمع الأوسع بعد ذلك وقبل ذلك)
إن المدمن (كما أى إنسان) يحتاج إلى تحريك وعيه( تعتعته) بطريقة أكثر أمانا مع آخرين
وهو (مثل أى واحد) يحتاج إلى تحريك الإبداع الذى يصاحبه نوع من تغيير الوعى الخلاّق، حتى لا يحتاج إلى المخدرات والمواد التى تفتعل تحريك الوعى، لكنها سرعان ما تجهض المحاولة بالتعتيم بعد التعتعة)
وهو أخيرا يحتاج (مثلنا جميعا) لأن نحترم وجوده حتى لا يلغى نفسه وكيانه وراء غيامة الخدر.
وكل هذا وارد فى العلاج فى المجتمع العلاجى،
ومعسكرات العمل والتأهيل الممتد.
كما أنه لازم لنا جميعا للوقاية من كل أنواع الإدمان بلا استثناء.