fbpx

المدمن‏ ‏المبدع‏ (‏زيفا‏)

مقتطف من كتاب: بعض ما يجرى داخل المدمن ولمحات من ثقافتنا الشعبية أ.د. يحيى الرخاوى-الطبعة الأولى 2017

المدمن‏ ‏المبدع‏ (‏زيفا‏)

نسمع‏ ‏كثيرا‏ ‏عن‏ ‏أن‏ ‏بعض‏ ‏الملحنين، ‏والمؤلفين، ‏والممثلين‏ ‏يربطون‏ ‏بين‏ ‏إبداعاتهم‏ ‏الفنية، ‏وبين‏ ‏تعاطيهم‏ ‏لهذه‏ ‏المادة‏ ‏أو‏ ‏تلك‏ ‏من‏ ‏مواد‏ ‏الإدمان، ‏وهذا‏ ‏الزعم‏ ‏قد‏ ‏يكون‏ ‏دافعا‏ ‏لذوى ‏المواهب‏ ‏المتواضعة، ‏أن‏ ‏يتشبهوا‏ ‏بهؤلاء‏ ‏المبدعين. ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏الحقائق‏ ‏العلمية‏ ‏تؤكد‏ ‏أن‏ ‏الإبداع‏ ‏لا‏ ‏يأتى ‏بفعل‏ ‏كيميائى ‏غبى، ‏وأن‏ ‏هذا‏ “‏التسهيل” ‏الذى ‏يلجأ‏ ‏إليه‏ ‏بعض‏ ‏المبدعين‏ ‏إنما‏ ‏يحدث‏ ‏لأنهم‏ ‏مبدعين‏ ‏أولا 

‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏فإن‏ ‏هذه‏ ‏ليست‏ هى ‏المسألة، ‏وليس‏ ‏هذا‏ ‏ما‏ ‏نقصده‏ ‏بـ‏ “‏المدمن‏ ‏المبدع” (‏زيفا‏) ‏ذى‏ ‏الطموحات‏ ‏الزائفة‏ غالبا، فالفكرة‏ ‏وراء‏ ‏هذه‏ ‏التسمية‏ (‏المدمن‏ ‏المبدع‏: ‏زيفا‏) ‏هى ‏أن‏ ‏تحريك‏ ‏الوعى ‏السائد، ‏وتغيير‏ ‏نوعيته، ‏هو‏ ‏أساس‏ ‏فى ‏العملية‏ ‏الإبداعية بصفة عامة، ‏وحالة‏ ‏المبدع‏ ‏الأصيل‏ ‏وهو‏ ‏يعايش‏ ‏الخبرة‏ ‏الإبداعية‏ ‏هى ‏حالة‏ ‏رائعة‏ ‏ومغامِرَة‏ ‏ورحّالة‏ ‏ومستكشفة، والمدمن فى البداية يكون راغبا فى هذه الحالة، أو حتى هو يعايش بعض بداياتها، لكن الناتج هو تزييف أو إجهاض أو نكوص ما لم تتواصل العملية الإبداعية دون الاعتماد الأساسى أو الكامل على الاستثارة المصطنعة بالموادّ.

الفائدة والتطبيق:

‏حين‏ ‏يعجز‏ ‏الشخص‏ ‏العادى ‏عن‏ ‏الإبداع، ‏لقصور‏ ‏فى الفـُرَصِ أو التدريب، ‏أو‏ ‏لهمود‏ ‏وكسل‏ ‏أديا‏ ‏للاستسلام‏ ‏للساكن‏ ‏الثابت‏ ‏فيه، ‏فإن‏ ‏بعض‏ ‏مواد‏ ‏الإدمان‏ ‏إنما‏ ‏تهيئ‏ ‏له‏ ‏ما‏ ‏يشبه‏ ‏الإبداع‏ ‏بأن‏ ‏تنقله‏ ‏إلى ‏حالة‏ ‏من‏ ‏الدهشة، ‏والجـِدَّة، ‏والأصالة، ‏بأسهل‏ ‏الطرق، ‏تحت‏ ‏تأثير‏ ‏كيمياء‏ ‏مـُقـْـحـَمـَة، ‏فكأنه‏ ‏يبدع‏ ‏وهو‏ ‏كسول، ‏يبدع‏ ‏من‏ ‏الوضع‏ ‏جالسا‏ ‏أو‏ ‏مضطجعا، يحسب أنه ‏يبدع‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏يبدع‏ ‏فى ‏النهاية‏، ‏فإذا‏ ‏استطعنا‏ ‏أن‏ ‏نلتقط‏ ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏الحاجة‏ ‏إلى ‏الإبداع‏ ‏وراء‏ ‏عملية‏ ‏الإدمان، ‏فإنه‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏نأمل فى محاولة‏ ‏تهيئة‏ ‏الفرصة‏ ‏للتدريب‏ ‏على، أو مواصلة، ‏الإبداع‏ ‏الحقيقى ‏بجهاد‏ ‏منظم، ‏بديلا‏ ‏عن‏ ‏هذا‏ ‏الوهم‏ ‏بالإبداع‏ ‏الكيميائى ‏الزائف‏.‏

اترك تعليقاً

إغلاق