الطفل الثانى
– الحديث عن نفسية الطفل الأول وعن الطفل الأخير من وجهة النظر النفسية وحتى بين العامة حديث متواتر وثرى، فماذا عن سائر الأطفال وبالذات الطفل الثانى؟
بصراحة، هذا سؤال ذكى، وقد خطر على بالى بشكل أو بآخر، كطبيب نفسى من ناحية، وكأب من ناحية أخرى وفى رأيى أنه إذا كان الطفل الأول “أول فرحة” و”البكري”، وكان الطفل الأخير “آخر العنقود”، فإن الطفل الثانى قد يكون هو الإختبار الحقيقى لنوع الأسرة ومدى نضج والدية الوالدين وابتداء فإن الأسرة ذات الطفل الثانى يمكن أن نعتبرها أسرة لم تكتمل، ولعل المحنة التى تمر بها الأسرة فى العالم الغربى ترجع أساسا إلى أنها أسر مختزلة، أو أسر عينات إن صح التعبير، إذن فالطفل الثانى هو المسئول بشكل أو بآخر عن تكوين الأسرة
هذه واحدة، والثانية أن الطفل الثانى يأتى بعد أن تكون الأم بالذات قد مرت بخبرتها الأولى – سواء كانت سارة أو سيئة مع طفلها الأول- وبالتالى، ودون قصد، يدفع الطفل الثانى ثمن هذه الخبرة، وقد يجنى ثمارها
الأمر الثالث الذى يستأهل الانتباه هو ما يلقاه الطفل الثانى من غيرة من الطفل الأول، ويتوقف تأثير هذا العامل على عدد السنين بين الطفلين، وهل الثانى منافس حقيقى للأول أم أن فارق السنين قد سمح للأول أن يتبنى الثانى بشكل أو بآخر، ويحدث هذا بوجه خاص حين يكون الأول بنتا فهى قد تعامل الطفل الثانى باعتباره “عروسة” مثل عرائسها الخاصة، وهذا أمر قد يقلل من الغيرة لكنه فى نفس الوقت قد يقلب وجود الطفل الثانى إلى دمية أو شئ، وليس كيانا بشريا مستقلا، ويبلغ ضرر هذا الموقف إذا تبناه الوالدان أيضا- دون قصد – استجابة لمشاعر الطفلة الأكبر.
وأخيرا فإن الطفل الثانى قد يصبح “الطفل بلا هوية” إذا لحقه طفل ثالث بسرعة، ويزداد الأمر إحراجا إن كان الثالث هو الأخير إذ سيظل الأول محط الانتباه لريادته، ويصير الأخير آخر العنقود بمعنى الأصغر والأولى بالرعاية (وبالتدليل)، فيقف الأوسط وكأنه لا طال زهو البداية ولا انتباه الختام وأحب أن أنوه أن ما سبق ذكره ليس قاعدة بحال من الأحوال، فقد ينشأ الطفل الثانى أفضل من الأول والأخير حين يتجنب الوالدان الأخطاء التى ارتكبوها مع الأول، ولا تتاح لهما الفرصة للتمادى فى التدليل المفرط الذى يمكن أن يختص به الأخير!!!!.