الأسرة ليست (فقط) مؤسسة سلطوية:
بمجرد نشأة الأسرة، وأحيانا قبيل نشأتها، يسارع أحد طرفيها “الرجل عادة” فى ممارسة سلطته بشكل يحتاج إلى وقفة.
لابد لأية وحدة اجتماعية أو مؤسسة من قائد أو رئيس، طول الوقت، أو بعض الوقت، باستمرار أو بالتناوب، ولكن أن تكون الأسرة هى المرتع والمجال الذى يتيح له فرض نفسه طول الوقت، وليس لقيادة السفينة، فإن سطوته كلها تصبح مسخرة لإثبات ذاته أكثر من تحمل مسئوليته، وهذا هو الذى يقلب الأسرة إلى ما ليس هى.
السلطة مطلوبة وهى – أو عليها أن- تتناسب مع المسئولية،
وأن تُمَارَس لحساب الرعية وليس على حسابهم،
وأن تتغير وتتطور مع المتغيرات الجارية وغير الجارية.
تتعدد الأسباب التى تجعل الأسرة مؤسسة سلطوية ومن ذلك أنه:
(1) قد تبدأ الحكاية من منطلق ذكورى (رجولى) تاريخى
(2) وقد يكون التسلط طبعا جاهزاً للإطلاق بمجرد تكوين الأسرة، طبعا يغلب عند الأب ويجوز عند الأم.
(3) وقد يمارس السلطوى أو المتسلط سلطانه ذلك تعويضا عن ما يعيشه ويلقاه فى العمل أو حتى على مستوى الوطن…الخ.
هذا الدور السلطوى ليس قاصرا على الرجل، فكثيرا ما تمارسه الأم كذلك، تمارسه على كل أفراد الأسرة بما فى ذلك الأب، على أن ذلك عادة ما يكون مصحوبا بدرجة ما من التملك وليس فقط التسلط.
توجد ميزة ضعيفة لهذا التركيب الأسرى كما قلنا فى البداية، وهو وجود قائد، له معالم والدية مسئولة، وهو أمر مهم خاصة فى مجتمعاتنا وثقافتنا، لكن المصيبة حين لا تكتمل هذه الوالدية –كما ذكرنا أيضا- بما يناسبها من رعاية ومسئولية بدرجة كافية.
ثم إن وضوح السلطة هكذا قد يكون مدعاة ومبررا ودافعا للثورة عليها، وهذا أفضل من الوالدية المائعة، أو مدعية الحرية، التى تمارس السلطة سرا بطريقة معيقة لحركية النمو لسائر أفراد الأسرة، وبالتالى تقل معها فرص المواجهة والثورة.