قالوا لـْفرعون إيش فـَرْعـَـنـَـك قال مالقيتش حد يردنى
الوقاية تستلزم أن يتذكر أى كبير أنه يحتاج بدوره إلى كبير، وكبير الكبير يحتاج إلى من هو أكبر، وقد يكون ذلك فى اتفاق معلن أو خفى يسمح بأن يأتيه الدعم المناسب من مجموع المعتمدين عليه، وبغير هذا الحوار بين القائد والجموع، لا مفر من الانحراف إن آجلا أو عاجلا، والحوار الصحى هو الذى يمكن
أن يرد الكبير عن انحرافه واغترابه وغروره فى الوقت المناسب، وقد ورد هذا التحذير من التمادى فى الاعتماد وتميز المشروط على الكبير فى المثل القائل:
قالوا لـْفرعون إيش فـَرْعـَـنـَـك
قال مالقيتش حد يردنى
ولا أظن أن الرد هنا ليس بمعنى رد القاضى ورفضه، وإنما يعنى: يمنعنى من التمادى. والتبادل فى الرعاية بين الكبير الطبيب، أو الكبير الحاكم وبين مـَرْضـَى الأول ورعـِيـّة الثانى، هو تبادل قائم حتما حتى لو أنكره كل من الطبيب والحاكم، وفى الطب النفسى خاصة، حين تتعمق الممارسة بدرجة إيجابية، لابد أن يكتشف الطبيب اعتماده على مرضاه كمصدر لإثراء معرفته وإثبات ذاته وتأكيد وجوده، (مع الانتباه إلى ألا يستعملهم كمصدر أساسى لاحتياجه العاطفى).
كما أن الحاكم فى المجتمع الديمقراطى الحقيقى، لابد أن يستشعر أن رعيته المعتمدة عليه هى هى الكبير الذى يـَرُدّه إذا مال أو نسى أو تمادى أو ظلم (فى صورة نقد الصحف الجادّة أو التنظيمات المهنيـَّة المـُحاسِـبـَة أو القضاء.. إلخ).
وهكذا يمتد معنى المثل الأصلى الذى بدأنا به إلى أنه حتى الكبير (الحاكم) إنما يعين له (يشترى له) كبيرا
(مجموعة المحكومين أو من يمثلهم نيابيا أو غيره) حتى يرحموه من تماديه فيما لا يدرى من انحرفات فردية محتملة.