تحمل الاختلاف والغموض
ثم إن ثمة طريقة أخرى لتحمـّل الاختلاف: هى أن تعرف صاحبك وتقبله دون محاولة تشكيله فورا بحيث يصبح نسخة منك لتجنب الاختلاف، وهذا ما فهمته من قولهم فى مثل آخر.
إعرف صاحبك واتركه
أنا لم أستقبل هذا المثل باعتباره تركـًا بمعنى إنهاء الصداقة أو الانصراف عن الصديق، وإنما استقبلته بمعنى “اتركه فى حاله”، أو اتركه على حاله، ولو مؤقتا، فلا تفرض عليه – فورا أو متعجِّـلا- ما تتصوره أصوب، ولا تحاول أن تشكـِّله كما تريد، أو كما تتصور، وباستمرار صداقتكما سوف يتطور التفاعل إلى ما يثمر ما يتطور بكما، وهذا الاستمرار مع المعرفة هو من أعظم ما يعلن النضج، وهو ما يسمى “بتحمل الغموض” أو تحمل التناقض) – وهو أفضل من ألا ترى فى صاحبك إلا ما هو حسن، بل ترى فيه “حسنا ما ليس بالحسن”، وهو ما جاء فى شعر بن أبى ربيعة على لسان “هند”:
أكما ينعتنى تبصرننى حسبكن الله أم لا يقتصد
فتضاحكن وقد قلن لها ”حسنٌ فى كلِّ عينٍ ما تودّ”.