المدمن المتقمـِّص
المدمن المتقمص ليس إمعة، بمعنى أنه لا يقلد ولا يتبع الآخرين شعوريا على الأقل، (وهو يسمى أحيانا: “شخصية كأن”) وهو اسم غير مألوف فى العربية ـ رغم شيوع صفاته.
هذا النوع من الشخصيات يصف نوعا آخر من التماهى مع الآخرين، إن المدمن الــ “كأن” أو “المتقمص” لا يتصف بأنه مطيع أو سلبى مثل إلامّعة، بل يتصف بقدرته الفائقة على أن يتقمص المجتمع الذى يوجد فيه، حتى يلغى نفسه تماما، يتم هذا دون أن يقصد، ودون أن يتظاهر، بل إنه أحيانا ـ من فرط التقمص ـ يسبق من يتقمصه، فهو يصبح أكثر تهريجا فى مجتمع المهرجين، وأكثر تقوى فى مجتمع المتدينين وهكذا، بمعنى أنه يتصرف مثلما يفعل من حوله بشكل كفء تماما، حتى ربما يقود الثلة التى ينتمى إليها لبعض الوقت، على الرغم من أنه يفتقر إلى التلقائية حين ينفرد بنفسه، فهو بالتعبير الشائع “ملكىّ أكثرمن الملك”، “ومع المدمنين” هو مدمن أكثر من أكبر مدمن فيهم”، وهو قد يعتبر هذا شطارة يفخر بها بشكل أو بآخر.
الفائدة والتطبيق:
إن هذا النوع خَفِىّ عادة إلا على ذى خبرة من المعالجين، كما أنه لا يُكتشف إلا بعد فترة من التتبع والعلاج والمعاشرة. إن هذا المدمن المتقمص قد يمارس فى المجتمع العلاجى – دون قصد – دور “معالج جاهز” أكثر من المعالج نفسه، إذا تقمَّـصَ المعِالج وهو لا يسمع الكلام مثل الإمـّـعة، وإنما هو سرعان ما يلتقط روح المجتمع العلاجى وتوجُّهِهِ بشكل سريع وواضح، ثم سرعان ما يتكلم لغته، (لغة المجتمع العلاجى) ويحذق طقوسه، فيؤديها بكفاءة ظاهرية تجعله يبدو معالجا محترفا، لكن المعالج الخبير (القائد) لا يلبث أن يرصد تقمصه، فيدرك أنه مثل الكوب الذى يتلون بلون ما يوضع فيه، وبالتالى لابد أن نتوقع أن الأرجح أن هذا المدمن المتقمص سوف يتلون باللون الذى يصادفه فور خروجه، ما لم تعالجََ هذه الخاصية جذريا. وعلاج هذا المدمن المتقمص صعب فعْلاً، ونقطة البداية هى ألا نصفق لقيامه بدور المعالج كثيرا مهما لَمَعَ أو ساعد، صحيح أنه يستحيل رفضه على طول الخط، لكن الصحيح أيضا هو ضرورة منعه من التمادى فى لعبة تقمص المعالج هذه حتى لو كان فى ذلك بعض ملامح إيجابية.