المدمن أحيانا: متورِّط (بالصدفة)
من كتاب: "بعض ما يجرى داخل المدمن" ولمحات من ثقافتنا الشعبية
هذا يصف إحدى بدايات الإدمان أكثر من وصفه المدمن ذاته، ولا تتحدد الصدفة بمجرد اختفاء “سبق الإصرار”، ولكن الصدفة هنا إنما تشير إلى أن كلا من الدافع (مثل الاستكشاف) والهدف الظاهر أو الخفىّ (مثل الاحتجاج، أو الهرب) لا يظهران بشكل دائم واضح فى الصورة الإكلينيكية، ومَثل هذا المتورط بالصدفة كمَثل الذى تعثــَّرَ وهو يمشى فأصيب، أو “ضرب لخمة” وهو يقود سيارة، فتصادم خفيفا، ليس لأنه لا يحسن القيادة أو تجاوز السرعة، وإنما “هو تعثر” أو تصادم خطأ، هكذا، وفقط.
الفائدة والتطبيق:
يفضل دائما المبادرة بعلاج هذا النوع (المدمن بالصدفة) بسرعة وحماس وتفاؤل، وذلك قبل أن تبدأ الكيمياء فى ترسيخ أقدامها بإنشاء الحلقة المفرغة فى جسده، نعم لا بد أن “نلحق به” لنجبـُر الإصابة وننبهه (أو بمعنى أصح نذكّره): أنه لم يكن يقصد، وأنه قد يصير “مدمنا رغم أنفه” إن صح التعبير، ليس بمعنى أن نوافِقُهُ على أن المسألة غصبا عنه، وإنما بمعنى أنه تورط وأن المسألة – إن أراد- “ملحوقة – مبكرا – بإذن الله والعلم والعلاج”.
إن هذا المدمن المتورط، أو بالصدفة، لا ينبغى أن يتلقى نفس المعاملة التى نعامل بها المدمن المستغرق “المتوغـِّل فى الكارْ” أو بالتعبير المصرى العامى المدمن “القارح”، لأننا لو عاملناه كذلك، لَكُنَّا ندفعه إلى أن يكون كذلك، وهذا النوع (المدمن بالصدفة) قد لا يُـنصح بدخول المستشفى مبكرا، وقد لا يحتاج إليها أصلا، فإذا دخل فإنه ينبغى أن تتحدد مدة إقامته بأقصر مدة مقارنة بالمدمن المتوغل والمستقر على موقف الإدمان.