fbpx

التاجر‏ ‏المدمن‏ (‏التاجر‏ ‏فعلا‏) ، ‏والمدمن‏ ‏التاجر‏ (‏التاجر‏ ‏مجازا‏)

الشائع‏ ‏أن‏ ‏الذى ‏يتاجر‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏المواد‏ ‏لايتعاطاها‏ ‏بالقدر المتاح له،‏ ‏ولا‏ ‏بالانتظام‏ ‏الذى ‏يصبح‏ ‏به‏ ‏مدمنا، ‏إلا‏ ‏أننا‏ ‏لاحظنا‏ ‏فى ‏مجتمعنا ‏ ‏العلاجى ‏أنه‏ ‏بين‏ ‏الحين‏ ‏والحين‏ ‏يجيئنا‏ ‏مدمن‏ ‏يتعاطى ‏قدرا‏ ‏هائلا‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏المواد، ‏ولا‏ ‏يعطى ‏تفسيرا‏ ‏لمصدر‏ ‏تمويله، ‏ولا‏ ‏يحمل‏ ‏همــَّـا‏ ‏لمدى ‏إنفاقه، ‏فنتساءل – ونسأله– ‏ ‏من‏ ‏أين‏ ‏له‏ ‏هذا؟‏ ‏وهو‏ ‏ما‏ ‏يمثل‏ ‏بداية‏ ‏شكـّنا لاحتمال أنه‏ ‏يتاجر‏ ‏فيها‏، هذا و‏قد‏ ‏يُستعمل‏ ‏تعبير‏ “‏المدمن‏ ‏التاجر”(‏بالمعنى ‏المجازى‏)، ‏حين‏ ‏نعنى ‏به‏ ‏المدمن‏ ‏الذى ‏يحصل‏ ‏على ‏مكاسب‏ ‏مباشرة‏ ‏ظاهرة‏ ‏من‏ ‏عملية‏ ‏الإدمان‏ ‏أكثر‏ ‏مما‏ ‏يدفع‏ ‏فيها‏، ‏وقد‏ ‏تكون‏ ‏هذه‏ ‏المكاسب‏ ‏غير مباشرة، مثل ‏أنه‏ ‏صديق‏ (‏خدوم‏) ‏لثرى ‏يتعاطي، ‏فيحصل‏ ‏على ‏لذته‏ ‏دون‏ ‏مقابل، ‏أو‏ ‏أنه يمارس‏ ‏دور‏ ‏المهرج‏ ‏المأجور، ‏أو‏ ‏مثل‏ ‏المدمن‏ ‏الذى ‏تساعده‏ ‏جرعة‏ ‏مناسبة‏ ‏من‏ ‏الإدمان‏ ‏فى ‏عمل‏ ‏يـُكسبه‏ ‏مالا‏ ‏أكثر،(‏كما‏ ‏ذكرنا‏ ‏فى ‏البداية‏ ‏عن‏ ‏بعض‏ ‏الحرفيين‏ ‏المعتدلين‏) ‏أو‏ ‏مثل‏ ‏بعض‏ ‏الفنانين‏ ‏الذين‏ ‏يرتبط‏ ‏تألقهم‏ ‏بجرعة‏ ‏ما‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏المخدر‏ ‏أو‏ ‏ذاك،‏ ثم‏ ‏تفلت‏ ‏منهم‏ ‏الحسابات‏ ‏وتزيد‏ ‏الجرعة، ونحن نميز حتى فى التطبيق بين هذه التجارة (المكسب) المتضمن فى عملية الإدمان، وبين التجارة الواقعية التى يمارسها تجار المواد المخدرة، وهم الأخطر على غيرهم أكثر مما هم فى خطر أنفسهم.

الفائدة والتطبيق

فى حالة: المدمن المهرج المطيـِّباتى ‏يتجه العلاج إلى ‏توعية‏ ‏مثل‏ ‏هذا‏ ‏المدمن‏ ‏الذى يتصور أنه يكسب من لعبة الإدمان ‏ ‏بلغة‏ ‏التجارة النفعية، ‏حتى ‏يتبين‏ ‏فى ‏المدى ‏القريب‏ ‏أوالبعيد‏ ‏أن‏ ‏الحسبة‏ ‏قد‏ ‏خرجت‏ ‏من‏ ‏المكسب‏ ‏إلى ‏الخسارة، ‏وأنه‏ ‏بدراسة‏ ‏الجدوى (‏بمنطق‏ ‏تجارى ‏بحت‏) ‏سوف‏ ‏يخسر‏ ‏إن‏ْ ‏آجلا‏ ‏أو‏ ‏عاجلا‏.‏

لكن‏ الوضع  يختلف ‏مع‏ ‏‏التاجر‏ ‏الذى يتخذ التجارة فى هذه المواد ‏ ‏حرفة لأكل العيش والإثراء، ‏يختلف فى ‏التعامل‏ ‏المباشر‏ ‏معه‏ (‏لعلاجه‏) ‏وكذا‏ ‏فى ‏الحذر من ‏تأثيره‏ ‏على ‏الباقين، ‏أو‏ ‏فى ‏المتابعة‏ ‏بعد‏ ‏الخروج‏. ‏ذلك‏ ‏أن‏ ‏متغيرا‏ ‏شديدا‏ ‏يدخل‏ ‏فى ‏الحساب، ‏فيصبح‏ ‏التساؤل‏ ‏عن‏ ‏معنى ‏الإدمان، ‏وعن‏ ‏دلالات‏ ‏الظاهرة‏..‏إلخ‏ ‏يصبح‏ ‏تجاوزا‏ ‏للواقع الحاصل، ذلك أن‏ ‏المسألة‏ ‏عند مثل هذا التاجر قد تكون قد بدأت ‏بمثابة “‏أكل‏ ‏عيش”، ‏ثم‏ ‏تمادت‏ ‏إلى ‏الإثراء‏ ‏غير‏ ‏المشروع، ‏بما‏ ‏يصاحبه‏ ‏من‏ ‏توتر‏ ‏وتوجس‏ ‏واحتياطات‏ ‏إلخ، ‏ثم‏ ‏لعله‏ ‏قد‏ ‏تورط‏ ‏فى ‏تخفيف‏ ‏توتره، فتعاطى أكثر، فتمادى أكثر، فأدمن أخطر، حتى يمكن الافتراض أحيـانـا أن قبوله العلاج – إن فعل – قد يكون ضمن حسابات تكتيكات تجارته !!!…إلخ

وغالبا لا‏ ‏يصلح‏ ‏مع‏ ‏هذا‏ ‏المدمن‏ ‏ترجمة‏ ‏أعراضه‏ ‏إلى ‏لغة‏ ‏الثورة‏ ‏أو‏ ‏الاحتجاج‏ ‏أو‏ ‏ما‏ ‏أشبه، ‏كما‏ ‏لا تصلح‏ – عادة – ‏محاولة‏ ‏الارتفاع‏ ‏به‏ ‏إلى ‏مستوى ‏آخر‏ ‏من‏ ‏اللذة‏ ‏أو‏ ‏الإشباع، ‏ولا‏ ‏بد‏ ‏أن‏ ‏يراعى ‏أن‏ ‏وجوده‏ ‏فى ‏أى ‏مجتمع‏ ‏به‏ ‏مدمنين‏ ‏يمثل‏ ‏خطرا‏ ‏حقيقيا‏ ‏عليهم‏ ‏وعلى ‏مسيرة‏ ‏علاجهم، ‏وهو‏ ‏ما‏ ‏نحاول‏ ‏معه‏ ‏اتخاذ‏ ‏ما‏ ‏يكفى ‏من‏ ‏الإجراءات‏ ‏لمنع‏ ‏الأضرار‏ ‏المحتملة‏.‏

اترك تعليقاً

إغلاق