“إن سرقت اسرق جمل وان عشقت اعشق قمر”
“إن سرقت اسرق جمل
وان عشقت اعشق قمر”
يبدو هذا المثل وكأنه أعرف بدخائل النفس وطبيعتها، إلا أن فى المثل قدرا كبيرا من النفعية الواقعية، نفصِّــلهما بعد قليل.
وهو مثل لا يدعو إلى السرقة، ولكن إذا كنتَ لابد فاعلها فاعملها بما تستحق، وحين نقرأ المثل لأول وهلة يمكن أن يصلنا أنه يـَضرب ما هو أخلاق بشكل ما، ولكن علينا أن نتذكر أن إشكالة تحديد ماهية الأخلاق ما زالت مشكلة لم تحل حلا يرضى الجميع، أو حتى تتفق عليه الغالبية،
* فثمَّة أخلاق العبيد.. حيث تعلو القيمة الخلقية بقدر الطاعة والإذعان.
* وثمَّ أخلاق التجار حيث يُحسب رصيد الأخلاق ضمن حسابات الأرباح وميزانيات العام، أو ميزانيات العمر، حتى فى تصور حسابات الآخرة.
* وثمَّة أخلاق الكلمات البراقة: حيث الأخلاق ألفاظ شيقة مرصوصة، ومثاليات حالمة مكتوبة (لم تــُخـْـتبر).
* وثمَّة أخلاق معظم الخطباء وأغلب الساسة: حيث الأخلاق صفقات معلنة، ووعود مشروطة، ورشاو محسوبة، وتأجيل هروبـى، حتى لو بدا ذلك انتظارا لقضاء الله:
“على ما يـِنـْقطِع الجريد يفعل الله ما يريد”.
* وثمَّة أخلاق الجبن والسلامة: وأنه بقدر ما “لا تفعل” “تـَسـْـلـَم”..الخ..الخ.
و …”فين الهرب … يا عرب”
فأى أخلاق يضربها هذا المثل؟
دعنا ننطلق ابتداء من ترجيح أن: “الأخلاق: هى الفطرة فى جدل مبدع”
فإذا كان الأمر كذلك، فهذا المثل لا يضرب الأخلاق، ولا يدعو إلى السرقة، ولكنه يكشف الخبىء، ويعرى للمواجهة، فكأنه يقول:
إن كنت قد ضبطت نفسك متلبسا بالرغبة فى امتلاك ما ليس لك، وبررت ذلك لنفسك فلتتقدم بقدر ما يحمل قرارك من مسئولية المخاطرة.
وإن كنت ولابد عاشقا (بالمعنى الموازى للسرقة وما تحمل من مغامرة واختراق، وتخط ٍّ للحواجز، وتدبير للوصال..الخ) فلتفعلها مع من يستحق هذه المغامرة الجسور وهو المحبوب الذى يستأهلها.
هكذا يـَضْـرِبُ هذا المثـُل التردد ولا يـضرب ما هو أخلاق دون تحفظ، فهو يحفز على المخاطرة ما دام الوعى يـِقـظـًـا، فيقول لنا: تحمل مسئولية قرارك، وعمق فعل إرادتك، وحدد أبعاد فعلك حتى تستبين أين أنت، وإلى أين، ولماذا، فإذا دفعت ثمن كل هذا، فليكن الثمن على قدر البضاعة، أما أن تكون سارقا سريا مدعيا العفة فيسرق “لا شعورك” ولو سرقة تافهة وأنت ترفع شعارات الفضيلة، أو تكون عاشقا متسولا تضغط على نفسك لقبول مَـنْ تـَقـَبـَّلـَك حتى تتغافل عن ما ترفضه فيها، فسوف تدفع ثمنا غاليا دون مقابل، وسوف تخدع نفسك مغتربا غير فاضل ولا واع بدخيلة خبثك، ولا مسيطر على ناتج فعلك.
رأي واحد على ““إن سرقت اسرق جمل وان عشقت اعشق قمر””