أول يوم صيام رمضان
كان ذلك متى؟
وكيف أدرى، ربما كان الصيام فى بطن أمى هو أول صيام، وألذ صيام، كان صياما رغم الحبل السرى، يا ترى هل من حلاوات الصيام أن نتمثل غذاء من رحم الكون بدل هذا الالتهام المعدى، والجشعى، المستمر، والمستعر؟
لكن متى وعيت معنى الامتناع، ومتى بدأ الفخر بالتشبه بالكبار؟
وعيت بالفطور والسحور، قبل أن أعى الصيام.
وكنا نضحك على أمى فنعدها بالصيام، حتى تسمح لنا بالسحور، حيث كنا نتصور دائما أن السحور به مما لذ وطاب، ما يجعلنا نتحايل لنتسحر، وعادة ما يكون واقع السحور أقل بكثير من خيالنا حول ذلك الطعام المخصوص للكبارفى جوف الليل.
فإذا تسحرنا كان لزاما أن ننوى الصيام جهرة، ثم ما إن نستيقظ حتى نجد أنفسنا فى عز الصيام، ساعة والثانية، ثم تشفق أمنا علينا وتعلمنا أن هناك أنواعا من الصيام خاصة بأمثالنا، مثل “صومة القولحة من الصبح للضحا”، وأسهل من ذلك “صومة المخدة، كل ما أجوع اتغدى”، وكلما تذكرت – الآن- هذه الفتاوى السهلة البريئة للصغار الجائعة الطليقة، تصورت ما يقابلها من فتاوى معاصرة، فهذا اقتصادى يصدر أحكاما “ينسبها للشريعة بحسب فوائد الوديعة”، وذاك حاكم يحكم “بشريعة المدفع، التى توصى بأن يتبع من يدفع”..إلخ
وجاهدت نفسى فى العام التالى حتى صمت يوم الوقفة صوما كاملا حقيقيا، وأذكر أننى من العصر للمغرب رحت ألف على من يشك فى صومى آمل أن يختبرنى بإخراج لسانى فيرى أنه جاف كالحطبة، وأن ريقى أبيض كالبفتة
ومن يومها وأنا أصوم أشكالا وأنواعا فى رمضان وغيره.